فصل: الخبر عن سدويكش ومن إليهم من بقايا كتامة في مواطنهم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن كتامة من بطون البرانس وما كان لهم من العز والظهور على القبائل وكيف تناولوا الملك من أيدي الاغالبة بدعوة الشيعة.

هذا القبيل من القبائل البربر بالمغرب وأشدهم بأسا وقوة وأطولهم باعا في الملك عند نسابة البربر من ولد كتام بن برنس ويقال: كتم ونسابة العرب يقولون إنهم من حمير ذكر ذلك ابن الكلبي والطبري وأول ملوكهم أفريقش بن قيس بن صيفي من ملوك التبايعة وهو الذي افتتح أفريقية وبه سميت وقتل ملكها جرجير وسمى البربر بهذا الإسم كما ذكرناه ويقال أقام في البربر من حمير صنهاجة وكتامة فهم إلى اليوم فيهم وتشعبوا في المغرب وانبثوا في نواحيه إلا أن جمهورهم كانوا لأول الملة بعد تهييج الردة وطفئت تلك الفتن موطنين بأرياف قسنطينة إلى تخوم بجاية غربا إلى جبل أوراس من ناحية القبلة وكانت بتلك المواطن بلاد مذكورة أكثرها لهم وبين ديارهم ومجالات تقلبهم مثل أبكجان وسطيف وباغاية وبفاس وتلزمه ويتكسب وميلة وقسنطينة والسيكرة والقل وجيجل من حدود جبل أوراس إلى سيف البحر ما بين بجاية وبونة وكانت بطونهم كثيرة يجمعها كلها غرسن ويسودة إبنا كتم بن يوسف فمن يسودة فالسبد ودنهاجة ومتوسة ورسين كلهم بنو يسودة بن كتم وإلى دنهاجة ينسب قصور كتامة بالمغرب لهذا العهد ومن غرسن مصالة وقلان وما وطن ومعاذ بنو غرسن ابن كتم ولهيفة وجيملة ومسالته وبنو بناوة بن غرسن وملوسة من إيان ولطاية وإجانة وغسمان وأورباست بنو تيطاسن بن غرسن وملوسة من إيان غرسن بن غرسن ومن ملوسة هؤلاء بنو زيدوي أهل الجبل المطل على قسنطينة لهذا العهد وبعد البرابرة من كتامة بنو يستيتن وهشتيوة ومصالة وبني قنسيلة وعد ابن حزم منهم زواوة بجميع بطونهم وهو الحق على ما تقدم.
وكان من هذه البطون بالمغرب الأقصى كثير منتبذون عن مواطنهم وهم بها إلى اليوم ولم يزالوا بهذه المواطن وعلى هذه الحالة من لدن ظهور الملة وملك المغرب إلى دولة الأغالبة ولم تكن الدولة تسومهم بهضيمة ولا ينالهم تعسف لاعتزازهم بكثرة جموعهم كما ذكره ابن الرقيق في تاريخه إلى أن كان من قيامهم في دعوة الشيعة ما ذكرناه في دولتهم عند ذكر دولة الفاطميين إثر دولة بني العباس فانظره هنالك وتصفحه تجد تفصيله.
ولما صار لهم الملك بالمغرب زحفوا إلى المشرق فملكوا الإسكندرية ومصر والشام واختطوا القاهرة أعظم الأمصار بمصر وارتحل المعز رابع خلفائهم فنزلها وارتحل معه كتامة على قبائلهم واستفحلت الدولة هنالك وهلكوا في ترفها وبذخها.
وبقي في مواطنهم الأولى بجبل أوراس وجوانبه من البسائط بقايا من قبائلهم على أسمائها وألقابها والآخرون بغير لقبهم وكلهم رعايا معبدون للمغارم إلا من اعتصم بقنة الجبل مثل بني زيدوي بجبلهم وأهل جبال جيجل وزواوة أيضا في جبالهم وأما البسائط فأشهر من فيها منهم سدويكش ورياستهم في أولاد سواد ولا أدري إلى من يرجعون في قبائل كتامة المسمين بهذه الإسم إلا أنهم باتفاق من أهل الأخبار ونحن الآن ذاكرون ما عرفناه من أخبارهم المتأخرة بعد دولة كتامة والله تعالى ولي العون.

.الخبر عن سدويكش ومن إليهم من بقايا كتامة في مواطنهم.

هذا الحي لهذا العهد وما قبله من العصور يعرفون بسدويكش وديارهم في مواطن كتامة ما بين قسنطينة وبجاية في البسائط منها ولهم بطون كثيرة مثل سيلين وطرسون وطرغيان وموليت وبني فتنة وبني لمائي وكايارة وبني زغلان والنورة وبني مزوان ووارمسكن وسكوال وبني عيار وفيهم من لماتة ومكلاتة وريغة والرياسة على جميعهم في بطن منهم يعرفون أولاد سواق لهم جمع وقوة وعدة وكان جميع هذه البطون وعيالهم غارمة فيمتطون الخيل ويسكنون الخيام ويظعنون على الإبل والبقر ولهم مع الدول في ذلك الوطن استقامة وهذا شأن القبائل الأعراب من العرب لهذا العهد.
وهم ينتفون من نسب كتامة ويفرون منه لما وقع منذ أربعمائة سنة من النكير على كتامة بانتحال الرافضة وعداوة الدول بعدهم فيتفادون بالانتساب إليهم وربما انتسبوا في سليم من قبائل مضر وليس ذلك بصحيح وإنما هم من بطون كتامة وقد ذكرهم مؤرخو صنهاجة بهذا النسب ويشهد لذلك الموطن الذي استوطنوه من أفريقية.
ويذكر نسابتهم ومؤرخوهم أن موطن أولاد سواق منهم كان في قلاع بني بو خصرة من نواحي قسنطينة ومنه انتقلوا وانتشروا في سائر تلك الجهات وأولاد سواق بطنان وهم: أولاد علاوة بن سواق وأولاد يوسف بن حمو بن سواق فأما أولاد علاوة فكانت الرياسة على قبائل سدويكش لهم فيما سمعناه من مشيختنا وأن ذلك كان لعهد دولة الموحدين وكان منهم علي بن علاوة وبعده ابنه طلحة بن علي وبعده أخوه يحيى بن علي وبعده أخوهما منديل بن علي عزل تازير بن أخيه طلحة.
لما بويع السلطان أبو يحيى بقسنطينة سنة عشر من هذه المائة وقع من تازير انحراف عن طاعته واعتلوا بطاعة ابن الخلوف بجاية فقدم عوضا منه عمه منديل ثم استبدل منهم أجمعين بأولاد يوسف فشمروا في طاعته وأبلوا وغلب السلطان على بجاية وقتل ابن الخلوف فظهر أولاد يوسف وزحموا أولاد علاوة وأخرجوهم من الوطن فصاروا إلى عياض من أفاريق هلال وسكنوا في جوارهم بجبلهم الذي وطنوه المطل على المسيلة واتصلت الرياسة على سدويكش في أولاد يوسف وهم لهذا العهد أربع قبائل: بنو محمد بن يوسف وبنو المهدي وبنو إبراهيم بن يوسف والعزيزيون وهم منديل وظافر وجري وسيد الملوك والعباس وعيسى والست أولاد يوسف وهم أشقاء وأمهم تاعزيزت فنسبوا إليها وأولاد محمد والعزيزيون يوطنون بنواحي بجاية وأولاد المهدي وإبراهيم بنواحي قسنطينة.
وما زالت الرياسة في هذه القبائل الأربع تجتمع تارة في بعضهم وتفترق أخرى إلى هذا العهد وكانت الأخرى دولة مولانا السلطان أبي يحيى اجتمعت رياستهم لعبد الكريم بن منديل بن عيسى من العزيزيين ثم افترقت واستقل كل بطن من هؤلاء الأربعة برياسة وأولاد علاوة في خلال هذا كله بجبل عياض ولما تغلب بنو مرين على أفريقية نكر السلطان أبو عنان أولاد يوسف ورماهم بالميل إلى الموحدين وصرف الرياسة على سدويكش إلى مهنا من تازير بن طلحة من أولاد علاوة فلم يتم له ذلك وقتله أولاد يوسف ورجع أولاد علاوة إلى مكانهم من جبل عياض.
وكان رئيسهم لهذه العصور عدوان بن عبد العزيز بن زروق بن علي بن علاوة وهلك ولم تجتمع رياستهم بعده لأحد وفي بطون سدويكش هؤلاء بطن مرادف أولاد سواق في الرياسة على بعض أحيائهم وهم بنو سكين ومواطنهم في جوار لواتة بجبل تابور وما إليه من نواحي بجاية ورياستهم في بني موسى بن ثابر منهم أدركنا ابنه صخر بن موسى واختصه السلطان أبو يحيى بالرياسة على قومه وكان له مقامات في خدمته ثم عرف بعده في الوفاء ابنه الأمير أبو حفص فلم يزل معه إلى أن وقع به بنو مرين بناحية قابس وجيء به مع أسرى الوقيعة فقطعه السلطان أبو الحسن من خلاف وهلك بعد ذلك وقام برياسته ابنه عبد الله وكان له فيها وفي خدمة السلطان بجاية شأن إلى أن هلك لأعوام ثمانين وولي ابنه محمد من بعده والله وارث الأرض ومن عليها.